«برايل».. قصة ابتكار أعاد النور لعالم الظلام - بلد نيوز

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«برايل».. قصة ابتكار أعاد النور لعالم الظلام - بلد نيوز, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 06:33 مساءً

الشارقة: أحمد صالح


في 23 إبريل 1824، بدأ التعريف بطريقة برايل المسماة نسبةً إلى مخترعها الفرنسي لويس برايل، وهي نظام كتابة ليلية ألف بائية، تمكن المكفوفين من القراءة؛ ولذا تُكتب الحروف رموزاً بارزة على الورق، ما يسمح للمكفوفين بالقراءة بفضل حاسة اللمس.
وأكمل اختراع كتابة المكفوفين النقص الذي كان يعانيه نظامهم التعليمي، بأن صار الطلاب المكفوفون قادرين على القراءة والكتابة كغيرهم من الأشخاص العاديين وإن اختلفت الطريقة.
ولد برايل في 4 يناير عام 1809 في مدينة كوبفراي شرق العاصمة الفرنسية باريس، وفقد بصره وهو في الثالثة من عمره نتيجة لحادثة وقعت في طفولته. انضم إلى معهد باريس في سن العاشرة، وقبل التحاقه بالمدرسة علمه أبوه استخدام يديه بمهارة، وكان لويس حاد الذكاء فأصبح تلميذاً وموسيقياً بارعاً، وبعد تخرجه أصبح معلماً بالمعهد الملكي للشباب المكفوفين واهتم برعاية المكفوفين، ولقد تمكّن برايل أن يكتب طريقة الشيفرة العسكرية التي كان قد اخترعها الضابط الفرنسي بييرلسكي ليرسل التعليمات العسكرية إلى الجيش الفرنسي وهو في حربه مع الألمان، وتتكون أساساً من اثنتي عشرة نقطة، ويمكن أن تتكون كل الكلمات بالتبادل، إلا أن برايل استطاع تعديل واختصار الاثنتي عشرة نقطة إلى ست نقاط ليسهل الموقف التعليمي على الكفيف.
يُعد يوم 4 يناير/كانون الثاني الذي يوافق يوم ولادة مؤسس لغة برايل هو اليوم العالمي للاحتفاء بلغة برايل من كل عام، بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والمعتمد في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
اعتمد برايل على طريقة تشفير عسكرية تستخدم اللمس بأصابع اليد تدعى الكتابة الليلية التي طورها تشارلز باربييه استجابةً لطلب الإمبراطور نابليون بهدف السماح للجنود الفرنسيين بالتواصل بصمت في الليل دون الحاجة إلى مصدر إنارة. تكوَّن نظام باربييه من مجموعات من 12 نقطة منقوشة ترمز 36 صوتاً مختلفاً، لكن نظام الترميز هذا كان صعباً للغاية على الجنود، فلم يتمكنوا من التعرف إلى الأحرف عن طريق اللمس، ورفض الجيش استخدامه في نهاية المطاف. وقد قام باربييه بزيارة المعهد الملكي للمكفوفين في باريس في عام 1821، وهناك قابل برايل. حدد برايل عيبين رئيسيين في أسلوب الترميز الذي اخترعه باربييه: الأول تعبيره عن الأصوات فقط، وبذلك لم يكن قادراً على التعبير عن كل الكلمات، والثاني عدم قدرة الإصبع البشري على لمس الرمز المكون من 12 نقطة بالكامل دون تحريك، وبالتالي لا يمكن الانتقال سريعاً من رمز إلى آخر. وكان الحل الذي اقترحه برايل استخدام رموز مكونة من ست نقاط فقط، وتعيين نمط ترميز خاص لكل حرف من حروف الأبجدية. استخدمت طريقة برايل في البداية حرفاً واحداً لكل حرف من الأبجدية الفرنسية، ولكن سرعان ما طُورت اختصارات عديدة، ما خلق نظاماً أشبه بالاختزال. اكتمل نظام برايل الموسع الخاص باللغة الإنجليزية، والذي دُعي نظام برايل من الدرجة الثانية بحلول عام 1905. أما اليوم فيعتبر نظام برايل بالنسبة للقراء المكفوفين نظاماً مستقلاً للكتابة، وليس نظام طباعة رمزية مقابلاً للحروف الهجائية المطبوعة.

ثلاث مراحل


كان هناك ثلاث مراحل تاريخية لتحول الرموز الخطية الطباعية إلى طريقة برايل الحالية في الكتابة: أولاً استخدام الأحرف الأبجدية الفرنسية من قِبل لويس برايل، ثم إعادة صياغة أحرف برايل عن طريق رموز مطبوعة، وأخيراً تعديل أحرف برايل لتحسين كفاءة الكتابة والقراءة بطريقة برايل.
تتبع معظم طرق برايل المعروفة اليوم الترتيب الفرنسي المكون من 26 حرفاً من الأبجدية اللاتينية الأساسية، وكانت هناك محاولات لتوحيد الأبجديات التي تتجاوز 26 حرفاً وفق نظام برايل الدولي، على الرغم من وجود اختلافات مهمة بين نظام برايل الألماني والإنجليزي. تحاول محاولات التوحيد هذه تخطي الاختلافات الناتجة عن ترتيب رموز برايل الخاص بكل أمة، بحيث يتوافق مع أبجديتها الخاصة، كما حدث في طريقة برايل الجزائرية، إذ أُعيد تعيين رموز برايل عددياً لتتوافق مع ترتيب الأبجدية العربية بشكلٍ لا يرتبط كثيراً مع الرموز المستخدمة في بلدان أخرى، وقد حدث الأمر نفسه مع أول نموذج أمريكي من كتابة برايل مشتق من اللغة الإنجليزية، عندما أُعيد تعيين الحروف دبليو، إكس، واي، زد بحيث تتطابق مع الترتيب الأبجدي للغة الإنجليزية.
كان المبدأ الثالث المتفق عليه عالمياً هو تعديل رموز برايل مع استخدام أبسط أنماط الحروف الأبجدية وأسرعها في الكتابة. استُخدمت هذه الحروف الهجائية المعدّلة وفق نظام برايل في ألمانيا والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، ولكن اختراع الآلة الكاتبة التي تعمل بطريقة برايل أفقدها ميزاتِها، ولم تعد تُستخدم حالياً، فقد كان لهذه الطريقة عيبٌ كبير، وهو تداخل عدد من النقاط مع بعضها ضمن النص بمحاذاةِ الحروف المستخدمة، وهو ما جعل النصوص أكثر صعوبة في القراءة.

كتابة بريل


في سنة 1829، نشر برايل بحثاً لفت فيه النظر إلى إمكان استخدام طريقته في كتابة النوتة الموسيقية للمكفوفين، كما أنه اخترع أيضاً لوحاً ونوعاً من القلم يمكن استخدامه في الكتابة على الورق بدقة في خطوط موسيقية تُقرأ بالأصابع، ويبدو أن اهتمام برايل باختراع باربير يرجع إلى ما أحس به من إمكانية استخدامه في كتابة النوتة الموسيقية للمكفوفين، فإذا كان الأمر كذلك، فإنه من المفيد ملاحظة أن أسلوبه في ترتيب النقط في النوتة الموسيقية هو الجزء الوحيد من طريقته العامة.
وكان أول شيء قد نُشر عن طريقة بريل في عام 1837، أما عن طريقته بأكملها فلم تُنشر إلا في سنة 1839، ومع نجاح هذه الطريقة، إلا أنها قوبلت بعدة صعوبات من القائمين بالأمر في المدارس؛ فالمدرس أو التلميذ الذي أراد تعلمها كان عليه أن يفعل ذلك خارج ساعات الدراسة الرسمية. وحتى المدرسة التي بدأت فيها طريقة (برايل) لم تستخدمها رسمياً إلا بعد مرور ما يقرب من أربع عشرة سنة وذلك بعد وفاة (برايل) بسنين. ولم تُقبل طريقة برايل في بريطانيا إلا في عام 1869، وأما في أمريكا فبدأ استخدامها سنة 1860.
وعُدلت هذه الطريقة بعد عام 1919 وعُرفت بطريقة برايل المعدّلة. أما كتابة برايل في اللغة العربية، فقد دخلت على يد محمد الأُنسي في منتصف القرن التاسع عشر؛ حيث حاول التوفيق بين أشكال الحروف المستخدمة في الكتابة العادية وشكلها في الكتابة النافرة. وبهذه الطريقة نقل الأُنسي عدداً من الكتب إلا أنّ هذه الطريقة لم تنتشر على نطاقٍ واسع، وبعد بذل محاولات عديدة اعتمد المهتمون بطريقة برايل لتطوير ما يتناسب واللغة العربية. وقد قامت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في عام 1951م، بتوحيد الكتابة النافرة بقدر ما تسمح به أوجه الشبه بين الأصوات المشتركة في اللغات المختلفة. وقد نتج عن هذه الحركة النظام الحالي للرموز العربية.

برايل باللغة العربية


استفاد المختصون بطريقة برايل باللغة العربية من بحوث الدول العربية المتقدمة في هذا المجال، من حيث جعل الكتابة البارزة سهلة. فقد عمل على أن تبدأ الحروف إما بالنقطة رقم (1) أو بالنقطة رقم (2)، كما عمل على أن تكون الأحرف الأكثر استعمالاً في اللغة ذات عدد قليل من النقاط. ولذلك فالأحرف الأكثر استخداماً تشكل في معظمها ثلاث أو أربع نقاط. وقد توصلت هيئات المكفوفين العربية إلى اختصارات لأكثر من مئة واثنتين وثمانين كلمة من الكلمات المتداولة على نطاق واسع، وبهذه الطريقة أمكن توفير الوقت والجهد اللازمين للكتابة.
وتقوم كتابة (برايل) في الأساس على ست نقاطٍ أساسية؛ ثلاث على اليمين وثلاث على اليسار، ومن هذه النقاط الست تتشكل جميع الأحرف والاختصارات والرموز ومع دخول الكمبيوتر إلى عالمنا دخل نظام الثماني نقاط في نظام الكمبيوتر ليعطي مجالاً لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الإشارات والرموز، ولكن هذا النظام ظل مستخدماً فقط في الكمبيوتر ولم يوسع لغيره.
أما طريقة قراءة هذه الأحرف فتتم من اليسار إلى اليمين؛ حيث إن النقطة العليا إلى اليسار تسمى رقم 1 والتي تحتها 2 والتي تحتها 3 ثم ننتقل إلى الصف الثاني فالعليا نسميها 4 والتي تحتها 5 والتي تحتها 6.

محو الأمية


أما عن إحصاءات محو الأمية بطريقة برايل في الولايات المتحدة، في عام 1960، فقد تمكن 50% من الأطفال المكفوفين القانونيين في سن المدرسة من قراءة برايل في الولايات المتحدة وفقاً للتقرير السنوي لعام 2015 من دار الطباعة الأمريكية للمكفوفين، كان هناك 61,739 طالباً مكفوفاً قانونياً مسجلين في الولايات المتحدة. ومن بين هؤلاء تم تسجيل 8.6% (5.333) كقارئي برايل، و31% (19.109) كقارئ مرئي، و9.4% (5.795) كقارئ سمعي.
وكان من النقاط الرئيسية التي تحول محو الأمية بطريقة برايل إلى إقرار قانون إعادة التأهيل لعام 1973، وهو قانون صادر عن الكونغرس يفيد بنقل آلاف الأطفال من المدارس المتخصصة للمكفوفين إلى المدارس العامة. لأن نسبة صغيرة فقط من المدارس الحكومية قادرة على تحمل كلف تدريب وتوظيف المعلمين المؤهلين بطريقة برايل، فقد انخفضت نسبة معرفة طريقة برايل منذ أن بدأ سريان القانون. وتحسنت معدلات الإلمام بلغة برايل قليلاً منذ إقرار القانون جزئياً بسبب ضغوط المستهلكين وجماعات الدعوة التي دفعت 27 ولاية إلى إصدار تشريع يقضي بأن تتاح الفرصة للأطفال المكفوفين قانوناً لتعلم طريقة برايل.
وفي عام 1998 كان هناك 57425 طالباً مكفوفاً قانونياً مسجلين في الولايات المتحدة، ولكن 10% فقط (5461) منهم استخدموا طريقة برايل كوسيلة القراءة الأولية.
ووجدت دراسة أجريت في ولاية واشنطن، أن الأشخاص الذين تعلموا طريقة برايل في سن مبكرة فعلوا ذلك أيضاً، إن لم يكونوا أفضل من أقرانهم المبصرين في عدة مجالات، بما في ذلك المفردات والفهم. وذلك في الدراسة الأولية للبالغين، وفي حين قيّم المشاركون في الدراسة الأولية العلاقة بين مهارات القراءة والكتابة لدى البالغين والعمالة، تبين أن 44% من المشاركين الذين تعلموا القراءة بطريقة برايل عاطلون عن العمل، مقارنة بمعدل البطالة البالغ 77% بالنسبة لأولئك الذين تعلموا القراءة باستخدام الطباعة. وحالياً من بين المكفوفين في الولايات المتحدة البالغون الذين يقدر عددهم بـ85.000، يعمل 90% من الأشخاص الذين يعرفون لغة برايل. ومن بين البالغين الذين لا يعرفون طريقة برايل، لا يعمل سوى 33%. إحصائياً، أثبت التاريخ أن مهارة القراءة بطريقة برايل توفر مجموعة من المهارات الأساسية التي تسمح للأطفال المكفوفين أو ذوي الرؤية المنخفضة للتنافس مع أقرانهم المبصرين في بيئة مدرسية ولاحقاً في الحياة عند دخولهم القوى العاملة.

برايل قوانين في دول


على الرغم من أن برايل يعتقد أن الطريقة الرئيسية للمكفوفين القراءة والكتابة، فإنه في بريطانيا (على سبيل المثال) من بين مليوني شخص مصاب بالعمى وضعف الرؤية، يقدّر أن نحو 15000-20000 شخص فقط يستخدمون طريقة برايل. وبدلاً من ذلك يتحول الشباب إلى النص الإلكتروني على أجهزة الكمبيوتر مع برنامج قارئ الشاشة، وهي طريقة اتصال أكثر قابلية للتواصل يمكنهم استخدامها مع أصدقائهم. وقد بدأ نقاش حول كيفية جعل طريقة برايل أكثر جاذبية ولمزيد من المعلمين ليكونوا متاحين لتدريسه.
وتحتوي السلسلة الحالية من الأوراق النقدية الكندية على ميزة اللمس، وتتكون من نقاط برايل، ما يسمح بتحديد المبلغ المطلوب بسهولة من قِبل الأشخاص المكفوفين أو ذوي الرؤية المنخفضة، الذين لا يستخدمون طريقة برايل القياسية. وبدلاً من ذلك يُستخدم نظام وضع بالتشاور مع الكنديين المكفوفين وضعاف الرؤية، بعد أن أشارت البحوث إلى أن طريقة برايل لم تكن قوية بما فيه الكفاية، وأنه ليس كل المستخدمين لديهم احتمالية قراءة برايل. فالأوراق النقدية المكسيكية، والأوراق النقدية الأسترالية، وأوراق الروبية الهندية، وأوراق الشيكل الإسرائيلية الجديدة، والأوراق النقدية الروبل الروسي أيضاً، وُضعت لها رموز خاصة لجعلها قابلة للتحديد من قبل الأشخاص المكفوفين أو ضعاف الرؤية.
وفي الهند، هناك حالات نُشرت فيها قوانين البرلمان بطريقة برايل، مثل قانون الحق في الحصول على المعلومات.
وفي الولايات المتحدة، يتطلب قانون الأمريكيين ذوي الإعاقة لعام 1990، أن تكون لافتات البناء المختلفة بطريقة برايل.
وفي المملكة المتحدة، يجب أن يكون اسم الدواء بـ«برايل» على الملصق.
وأستراليا أيضاً مؤخّراً طبعت على خمسة دولارات ورقة نقديّة بطريقة برايل،
وفي مقدمة ورقة الـ10 جنيهات إسترلينية (الجانب مع رفع المطبوعة)، هناك مجموعتان من النقاط التي أثيرت في الزاوية اليسرى العليا. وتساعد هذه الميزة اللمسية الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر على تحديد قيمة الورقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق