قال اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، إن إسرائيل لطالما روجت لرواية المظلومية لتبرير موقفها العدائي من أي قوة تنمو في الجوار، مشيرًا إلى أن الجيش المصري يمثل اليوم مصدر قلق حقيقي لها لأنه جيش محترف ويمتلك أسلحة متطورة.

أوضح الغباري خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج نظرة، المذاع على قناة صدى البلد أن هذا الموقف ليس جديدًا، بل يعود إلى عام 1983 حين أعلن شيمون بيريز في الكنيست أن إسرائيل لن تخوض حربًا مباشرة ضد جيش آخر، لكنها يجب أن تحافظ على كونها أقوى جيش في المنطقة وتسعى لتفتيت الدول العربية ودفعها نحو الاحتراب الداخلي، وهو ما يفسر اعتمادها لاحقًا على حروب الجيل الرابع والوكلاء بدلًا من المواجهة المباشرة.

أشار إلى أن استراتيجية مصر بعد 30 يونيو، التي استهدفت بناء قوة شاملة على مدى 15 عامًا، أزعجت إسرائيل التي تسعى إلى إضعاف أي قوة مجاورة لها، لذلك تسعى إلى إثارة القلق حول قدرات الجيش المصري واستخدام حملات دعائية لتضخيم تهديدات مزعومة.

لفت الغباري إلى أن إسرائيل تدرك تمامًا أن مصر لا تمثل تهديدًا هجوميًا لها، بل هي أكثر من يحتاج إلى السلام واستقراره، حيث أن مصر استردت أراضيها عبر معاهدة السلام ولم تعد بحاجة لحرب، بينما ترى إسرائيل السلام كضرورة لإبعاد الكتلة الحيوية المصرية عنها، مؤكدًا أن تل أبيب تسعى حاليًا لتعزيز وجودها شمالًا وخاصة في الجولان.

أضاف أن مصر استطاعت كسر توازن القوى لأول مرة مع إسرائيل بصفقة طائرات الرافال، وهو ما أغضب تل أبيب ودفع واشنطن للضغط على باريس وتعطيل الصفقة بعمليات إرهابية، مشيرًا إلى أن مصر وسعت بعدها مصادر التسليح لتشمل روسيا والصين، ما جعلها قادرة على الاستمرار دون الاعتماد على مصدر واحد.

أكد الغباري أن إسرائيل لا تريد لمصر أن تعود قوة كبرى في الإقليم، خاصة بعد خروج سوريا من معادلة توازن القوى، لذلك حاولت منع تنامي القدرات المصرية. لكن مصر تنبهت مبكرًا لهذا المخطط، وعملت على إعادة تنظيم قواتها المسلحة وانتشارها على الأرض، وأنشأت قواعد عسكرية في الشمال والغرب لتوزيع استراتيجي مدروس يعزز من الجاهزية.

وأشار إلى أن سيناء تظل ملعبًا أساسيًا في هذا الصراع، لكن تواجد القوات المصرية المستمر فيها، ودعم قدراتها الإنتاجية والقتالية، يمثل بحد ذاته رسالة ردع واضحة لكل من تسوّل له نفسه المساس بالأمن القومي المصري.