أكدت تركيا، أمس الجمعة، أنها لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا، غداة اتهام إسرائيل أنقرة بمحاولة فرض وصايتها على سوريا، بينما دان مجلس التعاون لدول الخليج العربية الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، في وقت خرجت قوات سوريا الديمقراطية من حلب.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، لرويترز أمس الجمعة، إن تركيا لا تريد أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا، وذلك بعد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية سورية. وفي مقابلة على هامش اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال فيدان إن تصرفات إسرائيل في سوريا تمهّد الطريق لعدم استقرار المنطقة في المستقبل. وذكر فيدان أنه إذا كانت الإدارة الجديدة في دمشق ترغب في التوصل إلى «تفاهمات معينة» مع إسرائيل، فهذا شأنها الخاص.
وتقصف القوات الإسرائيلية الأراضي السورية منذ أسابيع مع تولي الإدارة الجديدة السلطة في دمشق، واستولت على أراضٍ في جنوب غرب البلاد، وأعلنت استعدادها لحماية الأقلية الدرزية، وضغطت على واشنطن كي تبقي سوريا دولة ضعيفة، وفجرت الكثير من الأسلحة والعتاد العسكري السوري الثقيل في الأيام التي تلت سقوط النظام السابق. وتصف تركيا الضربات الإسرائيلية بأنها تعدٍّ على الأراضي السورية، بينما تقول إسرائيل إنها لن تسمح بوجود قوات معادية في سوريا. وكثفت إسرائيل الغارات الجوية على سوريا الليلة قبل الماضية، وأعلنت أن الهجمات هي تحذير للحكام الجدد في دمشق. واستهدفت الغارات، قاعدتين جويتين وموقعاً قرب العاصمة دمشق وجنوب غرب البلاد.
وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوداً في جنوب غرب سوريا قتلوا خلال الليل قبل الماضي عدداً من المسلحين الذين أطلقوا النار عليهم في تلك المنطقة. وأضاف الجيش أن قواته كانت في مهمة مستهدفة في ذلك الوقت وراء المنطقة العازلة التي تنتشر فيها داخل سوريا. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا)، أن القصف الإسرائيلي أسفر عن مقتل تسعة في المنطقة. ونقلت الوكالة عن بيان صادر عن محافظة درعا قوله إن «هناك استنفاراً وغضباً شعبياً كبيراً بعد هذه المجزرة، وخصوصاً في ظل توغل قوات الاحتلال لأول مرة إلى هذا العمق».
وذكرت وزارة الخارجية السورية في بيان عن الضربات الإسرائيلية: «يمثل هذا التصعيد غير المبرر محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها». ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل «لوقف عدوانها والالتزام بالقانون الدولي».
واتهمت إسرائيل أنقرة بمحاولة فرض وصايتها على سوريا. وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان أن القوات المسلحة الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سوريا وستتحرك ضد التهديدات لأمنها، محذراً الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول. ومما عكس مخاوف إسرائيلية من النفوذ التركي في سوريا، اتهم وزير الخارجية جدعون ساعر أنقرة بأداء «دور سلبي» هناك وفي لبنان ومناطق أخرى.
وقالت تركيا رداً على الاتهام، إن إسرائيل يجب أن تنسحب من سوريا وتتوقف عن الإضرار بجهود إرساء الاستقرار هناك. وقالت وزارة الخارجية في أنقرة «أصبحت إسرائيل أكبر تهديد للأمن في المنطقة» وإن إسرائيل «مزعزعة للاستقرار الاستراتيجي وتسبب الفوضى وتغذي الإرهاب». وأضافت: «لذلك، ومن أجل إرساء الأمن في جميع أنحاء المنطقة، يجب على إسرائيل أولاً التخلي عن سياساتها التوسعية، والانسحاب من الأراضي التي تحتلها، والكف عن تقويض جهود إرساء الاستقرار في سوريا».
من جانبه أعرب جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن إدانته واستنكاره الشديدين للغارات الإسرائيلية على عدد من المواقع في سوريا، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. وأكد أن هذه الغارات تعدّ حلقة جديدة في سلسلة محاولات إسرائيلية لتقويض وزعزعة الأمن الإقليمي والدولي، مشدداً على أهمية احترام سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها. وأشار إلى أن صمت المجتمع الدولي إزاء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة يشجّع على استمرارها، مطالباً بضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لوقفها، بما يصبّ في مصلحة الأمن والسلم في المنطقة.
وعلى صعيد آخر، حرج مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من مواقع في حلب في إطار تنفيذ اتفاق مع السلطة السورية الجديدة بشأن استيعاب القوات الكردية في هيكل الدولة. وشوهد أمس الجمعة مئات الجنود من قسد على سيارات دفع رباعي يخرجون من حيين في حلب متوجهين إلى منبج في محافظة الرقة؛ حيث للقوات موطئ قدم راسخ بدعم أمريكي منذ سنوات.(وكالات)