بورتسودان تشتعل.. كيف تصاعدت الأحداث فجأة، ولماذا قررت الخرطوم قطع العلاقات مع الإمارات؟ - بلد نيوز

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشهد السودان توترات متزايدة خلال الأيام والساعات الماضية بعدما قررت الخرطوم قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، متهمةً إياها بشن "عدوان" على البلاد عبر دعمها لقوات الدعم السريع، التي نفذت ضربات استهدفت مدينة بورتسودان بمسيّرات، وأدت إلى إشعال حرائق في أكبر مستودعات الوقود في البلاد، وألحقت أضراراً بالبوابة الرئيسية لإدخال المساعدات الإنسانية.

وقال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، الثلاثاء 6 مايو/أيار 2025، إن القوات المسلحة السودانية تعمل على ردع ما وصفه بـ"العدوان".

وتعهد في كلمة مصورة بأن "ساعة القصاص ستحين" لمحاسبة المسؤولين عن استهداف المنشآت المدنية التي تخدم الشعب السوداني.

ومنذ أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حرباً خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً.

ما أهمية بورتسودان؟

تُعتبر بورتسودان، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، المنفذ الجوي والبحري الذي تستقبل من خلاله كل احتياجات البلاد الأساسية، وذلك منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.

وكذلك تصل عبر المدينة المساعدات الإنسانية التي تُرسل لضحايا الحرب، خاصة من النازحين، وهي مركز لعمل وكالات الأمم المتحدة، ومقر للبعثات الدبلوماسية في البلاد.

وتمتعت بورتسودان، العاصمة الفعلية للسودان، بهدوء نسبي منذ اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.

وأصبحت المدينة قاعدة للحكومة المتحالفة مع الجيش بعد أن اجتاحت قوات الدعم السريع مناطق واسعة من العاصمة الخرطوم في بداية الصراع.

ويُعد ميناء بورتسودان الواقع على البحر الأحمر أكبر الموانئ السودانية.

وقالت مصادر في الميناء لموقع ميدل إيست آي إن المحطة الجنوبية، وهي محطة الحاويات في الميناء، تم إغلاقها و"لا تعمل بشكل أساسي".

ويُهدد تدمير منشآت الوقود والأضرار التي لحقت بالمطار والميناء بتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، والتي تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم، من خلال وضع المزيد من الضغوط على عمليات تسليم المساعدات عن طريق البر، والتأثير على إنتاج الكهرباء وإمدادات غاز الطهي.

السودان
السودان يشهد حربا مستمرة منذ عامين وسط مأساة إنسانية/ الأناضول

ما هي المنشآت التي تعرضت لهجمات في بورتسودان؟

قال الجيش السوداني، الأربعاء 7 مايو/أيار 2025، إن أنظمة الدفاع المضادة للطائرات اعترضت طائرات مسيّرة استهدفت أكبر قاعدة بحرية في البلاد في بورتسودان.

وقال متحدث باسم الجيش السوداني لوكالة رويترز: "تصدت المضادات الأرضية بنجاح لمسيّرات كانت تحاول أن تهاجم قاعدة فلامنغو البحرية في بورتسودان، وأسقطت معظمها".

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن وزير الإعلام السوداني، خالد الأعيسر، أن قوات الدعم السريع هاجمت صباحاً مستودعات الوقود في الميناء الجنوبي بمدينة بورتسودان.

واندلعت حرائق في مستودع وقود بمطار بورتسودان ومحيط الميناء الجنوبي بالمدينة، إثر سماع دوي انفجارات قوية، بحسب وكالة الأناضول.

وتقوم هيئة الطيران المدني الحكومية بتحصيل ملايين الدولارات شهرياً من رسوم التحليق والطائرات التي تهبط في بورتسودان.

بورتسودان
خريطة لمناطق النفوذ في السودان/عربي بوست

وقال مسؤول حكومي، الثلاثاء، إن الهجمات على مستودعات الوقود وحدها تسببت في أضرار تُقدَّر بنحو نصف مليار دولار على الأقل.

ويوم الاثنين، أعلنت وزارة الطاقة والنفط السودانية اشتعال النيران بمستودعات النفط الاستراتيجية ببورتسودان، إثر تعرضها لهجوم بطائرة مسيّرة، قالت إنها تابعة لقوات الدعم السريع.

وقالت مصادر عسكرية ودبلوماسية إقليمية إن الطائرات بدون طيار الانتحارية التي هاجمت قاعدة عثمان دقنة الجوية في بورتسودان هي طائرات قامت بشرائها الإمارات في السابق، وفق تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.

ومنذ فترة، تتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية بمدن البلاد الشمالية، مثل مروي ودنقلا والدبة وعطبرة، دون تعليق من الأخيرة.

ماذا تعني الهجمات على بورتسودان؟

تفتح الضربات بالطائرات المسيّرة على بورتسودان جبهة جديدة في الحرب، باستهداف المقر الأساسي للجيش في شرق السودان، بعد أن تمكن الجيش في مارس/آذار من طرد قوات الدعم السريع من أغلب مناطق وسط البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، ودفعها غرباً، وفق وكالة رويترز.

وقالت خلود خير، المحللة السودانية ومؤسسة مركز "كونفلوانس أدفايزري" للأبحاث، لموقع "ميدل إيست آي": "قد يكون توقيت الهجمات والتصعيد في بورتسودان مرتبطاً باتباع الإمارات نهجاً مكشوفاً وعدائياً، وقوات الدعم السريع تتبع نفس النهج".

وأضافت خير إن هجمات الطائرات بدون طيار في نيالا وبورتسودان سلطت الضوء على "الطبيعة الدولية" للحرب.

ورأى محللون أن الحرب الجارية منذ أبريل/نيسان 2023 هي مظهر للتنافس الدولي والإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها حوض البحر الأحمر، الذي يستمد أهميته الإستراتيجية والجيوسياسية من موقعه الجغرافي الفريد، ما يجعل منه النقطة الأكثر تنافساً وصراعاً بين القوى العظمى.

ونقلت وكالة الأناضول عن السياسي طارق عثمان قوله: "الهدف الاستراتيجي المحدد من قبل حاضنة قوات الدعم السريع الإقليمية والدولية يتمثل في قطع الحبل السري، من خلال السيطرة على سواحل البحر الأحمر السودانية الممتدة لمئات الكيلومترات، ووضع اليد على المنافذ البحرية الرئيسية للبلاد".

واعتبر أن "الحرب التي تشنها قوات الدعم السريع على الشعب السوداني، ما هي إلا حلقة من حلقات ذلك الصراع الدائر حول المنطقة ككل، وسينتهي دور تلك القوات بمجرد نضوج خطة السيطرة على الممر المائي الاستراتيجي لصالح أي من أطراف الصراع الدولية والإقليمية".

فيما اعتبرمراقبون أن استهداف بورتسودان يهدف بالمقام الأول إلى شل حركة الدولة السودانية، ودولاب العمل فيها بشكل تام، وذلك ليس بغرض الضغط على الحكومة للذهاب إلى التفاوض كما يبدو ظاهرياً، بل "تنفيذاً لمخططات خارجية حتى يسهل إخضاع السودان للدول صاحبة الأجندة والمتدخلة بالحرب في السودان ولها مصلحة في المنطقة والقرن الإفريقي"، حسب وكالة الأناضول.

لماذا قررت السودان قطع العلاقات مع الإمارات؟

جاء قرار السودان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات على خلفية اتهامها بشنّ "عدوان" على البلاد عبر دعمها لقوات الدعم السريع.

وفي أكثر من مناسبة، نفت الإمارات تقديمها أي دعم لقوات الدعم السريع، وشددت على عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للسودان.

وقال مجلس الأمن والدفاع السوداني، في بيان: "ظل العالم بأسره يتابع، ولأكثر من عامين، جريمة العدوان على سيادة السودان ووحدة أراضيه وأمن مواطنيه من دولة الإمارات"، وفق البيان.

وأضاف أن هذا الأمر يتم "وعبر وكيلها المحلي، مليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة وظهيرها السياسي".

وتابع المجلس: "وعندما تيقنت الإمارات من هزيمة وكيلها المحلي، الذي دحرته قواتنا المسلحة، صعّدت دعمها وسخرت المزيد من إمكانياتها لإمداد التمرد بأسلحة باستراتيجية متطورة".

وأردف: "وظلت تستهدف بها المنشآت الحيوية والخدمية في البلاد، وآخرها استهداف مستودعات النفط والغاز، وميناء ومطار بورتسودان، ومحطات الكهرباء، والفنادق".

واعتبر أنها "عرّضت حياة ملايين المدنيين وممتلكاتهم للخطر، الأمر الذي يهدد الأمن الإقليمي والدولي، وبصفة خاصة أمن البحر الأحمر".

و"على إثر هذا العدوان المستمر"، قرر مجلس الأمن والدفاع "إعلان دولة الإمارات دولة عدوان"، وفق البيان.

كما قرر المجلس السوداني "قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وسحب طاقم السفارة السودانية والقنصلية العامة"، حسب البيان.

ومضى المجلس قائلاً: "اتساقاً مع ميثاق الأمم المتحدة، التي أعطت الدول الحق في الدفاع عن نفسها، يحتفظ السودان بالحق في رد العدوان بكافة السبل".

وتابع: "وذلك للحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها، ولضمان حماية المدنيين واستمرار وصول المساعدات الإنسانية".

ويأتي قرار الخرطوم، غداة رفض محكمة العدل الدولية، الاثنين الماضي، دعوى تقدم بها السودان يتهم فيها الإمارات بالضلوع في إبادة جماعية ضد مجموعة "المساليت" العرقية في إقليم دارفور (غرب)، وذلك لعدم الاختصاص.

كيف ردت الإمارات على الهجمات في بورتسودان؟

قالت وزارة الخارجية الإماراتية، في ردها على الهجمات التي طالت مدينة بورتسودان: "أدانت دولة الإمارات بأشد العبارات استهداف المرافق المدنية الحيوية والبنية التحتية الحيوية في بورتسودان وكسلا، وأدانت هذه الأعمال باعتبارها انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي".

وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها، على موقف دولة الإمارات الراسخ والداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين والمرافق والبنى التحتية المدنية، وإيجاد حل سلمي للصراع.

ودعت الوزارة جميع الأطراف – التي تواصل تجاهلها للمعاناة الهائلة التي يكابدها الشعب السوداني – إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، ووفقاً لإعلان جدة وآليات منصة "متحالفون لتعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان – ALPS".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق