منشآت صحية مدمّرة.. كيف سيواجه الشعب السوداني تفشي الأمراض؟ - بلد نيوز

مصر تايمز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بدون مؤشرات على نهايتها، دخلت الحرب في السودان، الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، عامها الثالث، لتزيد من معاناة 50 مليون سوداني، في ظل أزمات صحية متزامنة ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية.


وفي آخر التطورات الصحية بهذا البلد، قالت منظمة «أطباء بلا حدود»، الأسبوع الماضي، إن السودان يشهد تفشياً لأمراض الحصبة والكوليرا والدفتيريا، نتيجة سوء الأوضاع المعيشية، وتعطل حملات التطعيم، مضيفة  أن نحو 60 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 50 مليون نسمة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.


وقالت منسقة الطوارئ في المنظمة مارتا كازورلا: إن « السودان يشهد تفشياً لأمراض الحصبة والكوليرا والدفتيريا، نتيجة سوء الأوضاع المعيشية، وتعطل حملات التطعيم. كما أن الدعم النفسي ورعاية الناجيات والناجين من العنف الجنسي لا يزالان محدودين بشدة».


وأضافت أن هذه الأزمات المتفاقمة لا تعكس فقط وحشية النزاع «بل تبرز أيضاً العواقب الوخيمة لانهيار نظام الرعاية الصحية العامة، وفشل الاستجابة الإنسانية».

بلا منشآت صحية

من جهة أخرى، قالت منظمة الصحة العالمية، إن نحو 20 مليون شخص بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية في السودان، مشيرة إلى وقوع 156 هجومًا على مرافق صحية منذ أبريل 2023، أسفرت عن مقتل 318 شخصًا وإصابة 273، ما يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الإنساني الدولي.


وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير بمناسبة مرور عامين على الحرب في السودان، إن 70% إلى 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة من النزاع قد خرجت من الخدمة.


وأضافت في تقرير، أن اثنين من كل ثلاثة مدنيين لا يحصلون على الرعاية الطبية، وأن أمهات يلدن دون مساعدة متخصصة، مشيرا الى أن هناك أطفالا لا يحصلون على التطعيمات الحيوية، وأشخاصا يعانون حالات صحية تهدد حياتهم لكن يُتركون دونما علاج.


وخلص إلى أن "نظام الرعاية الصحية في السودان، الذي كان ضعيفا حتى قبل اندلاع النزاع، ينهار الآن، وأصبحت حياة الناس في خطر".


وفي تقرير آخر، يعد نقص الخدمات الصحية في المناطق الآمنة في السودان،  السمة البارزة، حيث تعاني المستشفيات من ضغط هائل بسبب موجات النزوح، وتزايد أعداد طالبي العلاج، مما جعل المرافق الصحية تعمل بأكثر من سعتها.


وحسب وكالة أنباء ((شينخوا)، فإن  "مستشفي النو في أم درمان يعد أحد الأمثلة للمرافق الصحية التي تواجه ما يشبه الاستنزاف، فهو المرفق الصحي الأساسي لغالبية المرضى في المناطق الآمنة في أم درمان".


وذكرت الوكالة، أنه " توقفت 41 شركة أدوية وأكثر من 90% من مصانع الأدوية (وكلها في الخرطوم) عن العمل تماما منذ اندلاع الحرب".
 

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) خلال شهر مارس الماضي، إن الشركاء الإنسانيين في ولاية شمال دارفور بالسودان يبلغون عن وضع صحي مزر للغاية، وخاصة في الفاشر عاصمة الولاية ومخيمات النازحين في المناطق المحيطة.


وأضاف المكتب أن الأعمال العدائية المستمرة تسببت في موجات من النزوح، مما أدى إلى إرهاق نظام الرعاية الصحية الهش بالفعل والذي يكافح لتلبية حتى الاحتياجات الأساسية للناس.


وأكد أن أكثر من 200 منشأة صحية في الفاشر لا تعمل، وأن هناك نقصا حادا في الموظفين الطبيين والأدوية الأساسية والإمدادات المنقذة للحياة.

نزوح قسري

ومع الوضع الصحي الكارثي بالبلاد، يستمر النزوح القسري في شمال دارفور، ما قد يعيق جهود الإغاثة ويفاقم وضع المدنيين، حسب المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا-سلامي – في بيان صحفي صدر أمس الأحد.


وقالت إن حجم وخطورة الانتهاكات المبلغ عنها، بما فيها الهجمات المباشرة على النازحين داخليا والعاملين في المجال الإنساني، غير مقبولة "يجب ألا يكون المدنيون هدفا أبدا. يجب ألا يكون النزوح القسري شرطا مسبقا للوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة".


وأضافت أن هذا "النزوح القسري وواسع النطاق للمدنيين بعيدا عن البنية التحتية القائمة والخدمات الإنسانية يعيق بشدة قدرة المجتمع الإنساني في ولاية شمال دارفور على الاستجابة الفعالة للاحتياجات المتزايدة، محذرة من خطر انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأوبئة وسوء التغذية والمجاعة".


وذكرت أن النظام الإنساني يعاني حاليا من إجهاد كبير، ودعت المانحين بشكل عاجل إلى تقديم تمويل مرن ومقدم من خلال آليات مثل صندوق السودان الإنساني، مشيرة إلى أن هذا التمويل ضروري لدعم المستجيبين الأوليين، وتعبئة الإمدادات المنقذة للحياة، والحفاظ على عمليات الاستجابة الطارئة.


وشددت على ضرورة منح الأمم المتحدة والجهات الفاعلة من المنظمات غير الحكومية وصولا فوريا ومستداما إلى هذه المناطق لضمان إيصال الدعم المنقذ للحياة بأمان وعلى نطاق واسع.

 

وبعد أكثر من عامين من الحرب الأهلية الطاحنة في السودان، يتهاوى النظام الصحي تحت وطأة الدمار والإهمال، مخلفاً أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد مستقبل البلاد وأجيالها.


حيث أفاد مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في سبتمبر 2024، بأن النظام الصحي السوداني "وصل إلى مرحلة الانهيار"، مع توقف معظم المستشفيات عن العمل وتفشي أمراض مثل الكوليرا التي أودت بحياة 1258 شخصاً وسجلت 48 ألف إصابة بسبب تلوث المياه. 


وفي ظل نزوح أكثر من 15 مليون شخص، يمثل السودان الآن أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث يعاني النازحون من نقص حاد في الغذاء، الماء، والدواء، وفقاً لمنظمة العفو الدولية، الأمر الأكثر إيلاماً هو تأثير الحرب على التعليم، إذ أشار تقرير لليونيسيف إلى أن 17 مليون طفل سوداني خارج المدارس، مهددين بفقدان مستقبلهم في ظل تدمير البنية التحتية التعليمية وتحويل المدارس إلى ملاجئ للنازحين. 

 


هذا الواقع المرير يتفاقم مع استمرار الجيش السوداني، بدعم من الحركة الإسلامية والفصائل المتطرفة، في رفض وقف إطلاق النار أو الانخراط بجدية في عمليات السلام، كما أكد الفريق إبراهيم جابر، مساعد القائد العام للجيش، في تصريحات لبي بي سي، مشيراً إلى مواصلة القتال رغم الجهود الدولية.

 

وإذا استمرت هذه الحرب العبثية دون تدخل دولي حاسم، فإن التداعيات ستكون كارثية، ليس فقط على الصحة والتعليم، بل على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للسودان. 


فكما حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، فإن "التقاعس العالمي يُخلف عواقب وخيمة على المدنيين"، داعياً إلى وقف فوري للقتال ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. إن صوت الشعب السوداني، الذي يعاني الجوع، المرض، والتشرد، يستحق أن يُسمع، ويتطلب من المجتمع الدولي تحركاً عاجلاً لإنقاذ ما تبقى من أمل لمستقبل هذا البلد المنكوب

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق