عدد مسيحي غزة اليوم لا يتجاوز بضع مئات..
قال ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، إنه رغم الخراب والدمار والحرمان، لا تزال روح القيامة تنبض في غزة الجريحة، والطقوس الدينية المسيحية تُمارس بإصرارٍ خافت، خلف جدران مهددة بالانهيار، وفي أقبية الكنائس التي تحوّلت إلى ملاجئ للنازحين، تُرفع الصلوات لإثبات الوجود والصمود أمام آلة الإبادة الإسرائيلية.
في غزة، صار كل أسبوع هو أسبوع آلام، وكل فجر هو احتمالٌ جديد للقيامة، الاحتفال بالأعياد لم يعد زينة ومواكب، بل فعل تحدٍ، ورسالة وجودية تؤكد أن الروح الفلسطينية، المسيحية كما الإسلامية، لا تُقهر حتى وإن كُسرت أجساد أهلها.

وأوضح ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ، خلال تصريحات خاصة لـ "مصر تايمز"، أن عدد المسيحيين اليوم لا يتجاوز بضع مئات، يتوزعون على ثلاث كنائس رئيسية: “الأرثوذكس، الكاثوليك، والبروتستانتن أما الكنائس، فعددها، بين الفاعلة والأثرية، سبع، تحتضن تاريخًا عميقًا من الحضور الفلسطيني المسيحي في قطاع غزة، لكن الأرقام هنا لا تعبّر عن القيمة؛ فكل فرد مسيحي هو حامل لذاكرة وهوية راسخة، وكل كنيسة تمثّل عمقًا ثقافيًا وجغرافيًا في النسيج الوطني الفلسطيني، الغزّي المسيحي ليس أقلية، بل هو أحد وجوه الأصل الفلسطيني المتعدد”.
الاحتلال تعمد قصف الكنائس
وأشار دلياني أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف، 3 كنائس بشكل مباشر، أبرزها كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية، أقدم كنائس غزة وثالث اقدم كنيسة في العالم، والتي تحوّلت إلى مأوى لمسيحيين ومسلمين جراء القصف الإسرائيلي الإبادي، استهداف الكنائس ليس عارضًا، بل سلوك احتلالي عنصري مُتعمّد يهدف إلى تفكيك هوية غزة، عبر محو رموزها التاريخية والدينية، الكنيسة هنا حارس لذاكرة جماعية تُرعب المشروع الاستعماري الذي لا يحتمل بقاء الفلسطيني المتجذر في ارضه.

سبت النور
وتابع دلياني أن مشهد الاحتفال بسبت النور هذا العام في غزة، سيكون مثل العام الماضي، بلا أضواء احتفالية، بلا مواكب أو تراتيل، لكنه سيكون مشبعًا بنورٍ داخلي لا يُطفأ، الطقوس ستُؤدى بإيمانٍ متماسك داخل الكنائس، وفي القلوب، هو احتفال يشبه صلوات الخلاص في زمن الحصار: أكثر عمقًا، أقل ضجيجًا، لكنه أكثر التصاقًا بالحقيقة الإنسانية في غزة، سبت النور ليس حدثًا دينيًا فقط، بل موقف وجودي يؤكد أن هذا الشعب، بمسلميه ومسيحييه، لا يتراجع عن الحياة مهما تصاعد الدمار.
كما أكد على أن ما يواجهه الفلسطينيون المسيحيون في غزة هو فصلٌ من فصول حرب شاملة على الهوية الوطنية الفلسطينية بكل أطيافها، إنها محاولة لاقتلاع حضورٍ فلسطيني مسيحي ضارب الجذور، عبر إضعاف البنية الاجتماعية، وتدمير الأماكن المقدسة، وتضييق سبل العيش، لكن هذا الحضور لم يُبْنَ على ظرف طارئ، بل على تاريخٍ من الثبات والإيمان بالمكان، وإذا كان الاحتلال يراهن على كسر هذا الامتداد، فإن المسيحيين في غزة، كما في ما فلسطين، يثبتون يومياً أنهم من أعمدة هذا الوطن الحضارية الراسخة.
0 تعليق